بعد المبادرة الملكية لمنح دول الساحل منفذا على الأطلسي.. الجزائر تمنع دخول البضائع القادمة عبر الموانئ المغربية
واصلت السلطات الجزائرية ردود فعلها الغاضبة تجاه المبادرة الدولية التي أطلقها الملك محمد السادس، قبل شهرين، من أجل ضمان وصول دول الساحل إلى الواجهة الأطلسية، من خلال البنى التحتية المغربية وفي مقدمتها ميناء الداخلة، حيث قررت هذه المرة وقف استيراد أي صلع قادمة أو عابرة من الموانئ المغربية.
جاء في مراسلة للجمعية المهنية للأبناك والمؤسسات المالية في الجزائر، موجهة إلى المدراء العامين للموانئ الجزائرية، أنه "في إطار عمليات التجارة الخارجية، تقرر رفض أي عملية توطين لعقود النقل التي تنص على إعادة الشحن أو العبور عبر الموانئ المغربية"
وأضافت المراسلة الصادرة بتاريخ 10 يناير 2024، أنه "قبل أي توطين، من الضروري دعوة المصالح ذات الصلة للتأكد مع الفاعلين الاقتصاديين من عدم إجراء عمليات الشحن أو العبور عبر الموانئ المغربية".
وتأتي هذه الخطوة بعد أقل من أسبوعين على اجتماع وزراء خارجية دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد، في مراكش، يوم 23 دجنبر 2023، بدعوة من وزير الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، للشروع في تفعيل مبادرة الملك محمد السادس، التي أعلن عنها في خطاب الذكرى الـ 48 للمسيرة الخضراء، يوم 6 نونبر 2023.
وجاء في خطاب العاهل المغربي أنه ومن أجل تعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، "نقترح إطلاق مبادرة على المستوى الدولي، تهدف إلى تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي"، وأضاف في خطابه "المغرب مستعد لوضع بنياته التحتية، والطرقية والمينائية والسكك الحديدية، رهن إشارة تلك الدول دعما لهذه المبادرة".
وأعرب الوزراء المشاركون في اجتماع مراكش عن انخراطهم في المبادرة، وذلك في البيان الختامي الذي تلا اللقاء، مشددين على "الأهمية الاستراتيجية لهذه المبادرة، التي تندرج في إطار تدابير التضامن الفاعل للملك محمد السادس مع البلدان الإفريقية الشقيقة عموما، ومنطقة الساحل على وجه الخصوص، والتي تتيح فرصا كبيرة للتحول الاقتصادي للمنطقة برمتها، بما ستسهم فيه من تسريع للتواصل الإقليمي وللتدفقات التجارية ومن ازدهار مشترك في منطقة الساحل".
ورحبت الوزراء بـ"المقاربة الشاملة والتشاركية من أجل بلورة هذه المبادرة"، مؤكدين على طموحهم المشترك "لتعزيز علاقات التعاون من خلال شراكات متعددة القطاعات وهيكلية ومبتكرة، تعكس قيم التعاون جنوب - جنوب والتنمية المشتركة"، واتفقوا على إنشاء فريق عمل وطني في كل بلد من أجل إعداد واقتراح أنماط تنفيذ هذه المبادرة، كما اتفقوا على العمل، في أقرب الآجال، على وضع اللمسات الأخيرة على المقترحات التي ستعرض على الملك محمد السادس، ورؤساء دول بوركينا فاسو ومالي والنيجر وتشاد.
وليست هذه هي ردة الفعل الأولى من لدن الجزائر على المبادرة المغربية، حيث أوقفت حسابات القروض الخاصة بمجموعة من الدول، بموجب قانون المالية الجديد لسنة 2024، والذي أصبح ساري المفعول بعد نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 31 دجنبر 2023، والملاحظ أن الأمر يتعلق أساسا بدول القارة الإفريقية، وفي مقدمتها دول الساحل.
ونصت المادة 108 من قانون المالية الجزائري، على إقفال حسابات القروض الممنوحة للحكومات الأجنبية، مع تحويل أرصدتها لخزينة الدولة، وفي مقدمة تلك الدول موريتانيا، المنتمية لمجموعة دول الساحل، والتي وضع هذا القرار حدا للاتفاقية التي وقعتها مع الجزائر منذ سنة 1965، وذلك على الرغم من أن نواكشوط لم تعلن بشكل رسمي انضمامها إلى المبادرة الدولية التي أطلقها الملك محمد السادس.
ويسري الأمر نفسه على دولة مالي، التي كانت تقترض من الجزائر بموجب اتفاقية تعود إلى سنة 1965 وأخرى لسنة 1977، وهي التي حضر وزير خارجيتها، عبدو اللاي ديوب، اجتماع مراكش يوم 23 دجنبر 2023، والتي استدعت أيضا سفير الجزائر في باماكو للاحتجاج على تدخل الجزائر في شؤونها الداخلية واستقبالها ممثلي الجماعات الانفصالية المسلحة على أراضيها.
وشملت القائمة أيضا جمهورية النيجر، التي كان يربطها اتفاق مع الجزائر منذ سنة 1975، وأيضا بوركينا فاسو، التي ظلت تقترض من الحكومة الجزائرية بموجب اتفاقية تعود إلى السنة نفسها، بالمسمى القديمة للجمهورية "فولتا العليا"، وكلاهما حضر وزير خارجيتهما، باكاري ياو سانغاري وكاراموكو جان ماري تراوري، اجتماع مراكش.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :